مجتمعات غير سكنية

اعتقد ان العمارة هي انعكاس للمجتمع لذا فالعمارة الان تتميز بالعشوائية والطبقية وفقدان قيمة الاحساس بالجمال بعض النظر عن نوع الطراز المعماري المستخدم
اما بخصوص ما قاله د اشرف بطرس من ان هناك نوعا من العمارات اطلق عليه بناء متقشف, فأنني اعتقد ان هذا ليس بغريب اذا نظرنا الي مكان هذه البنايات فهي في الاساس واقعة ضمن منظومة عشوائية وتستهدف طبقة بالكاد حصلت علي مقدم الشقة, لذا ليس بغريب ان يسعي اصحاب هذه العمارات الي الاتجاه للتقشف, ولكني اري ان احد اوجه القصور من وجهة نظري هو قصور معماري حيث انني اعمل في مجال الاستثمار العقاري والانشاءات منذ سبع سنوات ولم اري مهندسا معماريا واحدا حاليا يعمل علي نظام معماري يوازن بين التكلفة والجمال ولو بقدر بسيط
لم يلتفت احد الي ما يمكن ان نسميه عمارة الفقراء او متوسطي الدخل ويبرر كل مهندس معماري القصور المعماري بطلبات العملاء وكذلك اسعار مواد البناء وعدم قدرة المهندسين الانشائين سواء المصممين او المنفذين علي تحقيق التصميمات الجديدة. ويذكرني هذا بالمبرر الذي يقوله دائما الفنانين بأن الجمهور هو الذي يسعي الي هذا النوع من الفن الهابط ومن وجهة نظري هذه مبررات واهية والدليل وجود فن حقيقي ولكن المشكلة انه عليك ان تكافح لتغير وحينما يقتنع الناس بقيمة ما تقدمه سيحتل ما تقدمه مكانة كبيرة داخل قلوبهم وعقولهم لذا اري ان احد جوانب المشكله هو استسهال من جانب المهندسيين المعماريين او عدم قدرة علي تقديم الجديد
اما بخصوص ما قاله المهندس ماجد عزيز من ان العميل يريد ان يشعر بالنقلة الاجتماعية، والاستثمار في اقتناء العقارات. الجمال والكفاءة المعمارية هما آخر ما يشغله
اعتقد ان اهم اسباب عدم انشغاله بالجمال والكفاءة المعمارية هو ان الهدف الاساسي من شراء هذه الطبقة من العملاء لعقار هو الاستثمار فقط وليس بغرض استخدامه كسكن شخصي وهنا تختلف الاحتياجات والمتطلبات بشكل جذري ويتحول الهدف من الرغبة في الحصول علي مسكن هاديء ومريح بكل حوانبه الي الرغبة في تحقيق اكبر ربح من وراء اقتناؤه العقار. والدليل ان نسبة الاشغال السكني في مثل هذه المجتمعات التي كان قد تم الانتهاء منها وتسليمها منذ 10 سنوات لا تتعدي 10% ونسبة 90% من هذه النسبة تتمثل في الشقق والتاون هاوس وغالبا ما يكون ملاك هذه العقارات مجرد موظفين كبار ارادو ان يحصلوا علي حلم العمر (شقة العمر)انطلاقا من مبدأ من جاور السعيد يسعد
ونجد نسبة 90% من باقي هذه المجتمعات خالية بل وتجد ان ملاك هذه الفيلات هما علامة مسجلة بكل المشروعات وليس بمشروع واحد فقط وفي اماكن متعددة (القاهرة بمختلف المناطق-الساحل الشمالي- العين السخنة- الغردقة وغيرها) وهذا يعني ان هذه العقارات ما هي الا تجميد لاموال طبقة بعينها رأت ان العقارات هي افضل وسيلة ليس لحفظها فقط بل للربح ايضا.
لذا فأن اغلب هذه المجتمعات ما هي الا بنوك لحفظ الاموال. وليس مجتمعات سكنية. فلا تجد في هذه المجتمعات حاليا اية مناطق خدمية سواء تجارية او غيرها لدرجة ان هناك احد المشاريع يتجاوز مساحتها 200 فدان قد نسي المهندسون المسئولون عنها وجود مسجد او محلات تجارية او مناطق خدمية واكتشفوا ذلك بعد الانتهاء من بناء حوالي 70% من المشروع.
وهناك ايضا مشكلة كبيرة قد احسست بها من التعامل مع المهندسين المعماريين فتجد شخصية المهندس المعماري (المتميز)اثناء عمله بشركات الاستثمار العقاري مقيد بأنماط وقوالب معمارية مفروضه عليه من قبل الاعلي سلطة منه سواء في المركز الوظيفي او في الغالب كونهم شركاء بنسب داخل مثل هذه الشركات
وحينما تتعامل مع المهندس ذاته في عمل خاص خارج اطار الشركة يكون اشبه بمن فكت قيوده فيسعي الي الابتكار المبالغ فيه فهو هنا المايسترو فيذهب بعيدا عن كل ما هو معقول وتتحطم احلامه بالابتكار امام رغبة مالك المشروع بتحقيق اعلي نسبة ربح فيحس بأنه مازال مقيدا فتجده يستسلم سريعا امام رغبة مالك المشروع . لذا اري الحل في القيام بثورة معمارية لفرض نظم جديدة
اعتقد ان هذا يتطلب الكثير من العمل والجهد للوصول الي الهدف من خلال نظم معمارية تعمل علي تحقيق اكبر قدر من احتياجات السوق بكل جوانبه ولن يتم ذلك الا من خلال دراسات تعمل علي تحديد متطلبات السوق بأكمله (مستثمرين- عملاء-مهندسين تصميم وتنفيذ بمختلف تخصصاتهم-الامكانات التنفيذية المتوفرة). ومن خلال هذه الدراسات يمكن وضع خطة لتطوير النظم المعمارية